في الواقع أن هناك الكثيرين الذين
يرفضون تلك الفكرة تماماً، ويحاربونها بشدة مستندين بذلك إلى المقولة الشهيرة:
(كذب المنجمون ولو صدقوا) على الرغم من أنها – وهذا ما لايعلمه الكثيرين – ليست
آية قرآنية، ولا حتى حديثاً نبوياً، بل ولم ترد تلك المقولة في أي كتاب سماوي آخر !!
والاستبصار أو التنبؤ الذي نتحدث
عنه هنا ليس مرتبطاً بالتنجيم، أو السحر، أو بأي شيء آخر، فالأمر قد يكون مجرد
رؤيا يراها الإنسان في منامه، أو أن يسيطر عليه شعور قوي بأن شيئاً ما سيحدث في
المستقبل القريب، ويحدث بالفعل. وقد ذكر لنا الله تعالى في سورة (يوسف) أن مسجونان
قد شاهدا رؤيا تبين مصيرهما، وهناك في نفس السورة أيضاً ملك مصر الذي شاهد رؤيا
تنبؤه بالسنوات العجاف القادمة على الرغم من انه لم يكن من المؤمنين بالله سبحانه
وتعالى .
![]() |
(جين ديكسون) - (نوستراداموس) |
وهناك ايضاً المرأة الغامضة (جين
ديكسون) ونبوءاتها الدقيقة (والتي سنفرد لها مقال تفصيلي قريباً) .
والواقع أن رؤية المستقبل تتبع علم
مستقل بذاته يطلق عليه اسم (Premonition)أو(Precognition)أو(Clairvoyance)،
وجميعها تعني الاستبصار أو رؤية المستقبل، ويرى بعض العلماء والباحثين أن هذه هبة
أو موهبة يمنحها الله لمن يشاء من عباده، تماماً كموهبة الشعر أو الرسم وغيرها،
كما يرى البعض أن تلك القدرة موجودة بمكان ما في المخ وبشكل متفاوت من شخص لآخر،
ولكنها قد تحتاج إلى عامل لا زال مجهول لتحفيزها وانطلاقها .
والواقع انه من المستحيل تماماً
حصر حوادث التنبؤ التي وردت في التقارير الرسمية، أو التي رسمها العلماء، ففي كل
كارثة تحدث - كزلزال أو سقوط طائرة أو ما شابه- يظهر الآلاف من الناس الذين يقسمون
على أنهم قد تنبؤوا بذلك من خلال رؤيا أو حتى بمجرد شعور بالأمر، ولو استثنينا
الحالات الكثيرة التي قد يكذب فيها البعض، فستتبقى لدينا نبوءات لبعض الحوادث التي
لم تكن تخطر ببال أحد بالفعل .
ففي (ويلز) 1978م تم القبض على
أحد الأشخاص لأنه لم يدفع ثمن تذكرة القطار، وقد ادعى بأنه كان في طريقه إلى جلاسكو في اسكتلندا لتحذير المسؤولين من زلزال مدمر سيحدث عن قريب، وقد نسي من
شدة قلقه وتوتره أن يشتري تذكرة، غير أن أحداً لم يصدقه، وقد تناقلت بعض الصحف خبر
القبض هذا الرجل بصورة هزلية ساخرة، وذلك بسبب اختلاقه عذراً غبياً لعدم شرائه
للتذكرة، فوقوع الزلازل في اسكتلندا أمر نادر جداً، ولكن بعد ثلاثة أسابيع،
أصيبت جلاسكو بزلزال مدمر تحطمت على إثره الكثير من الأبنية !! ولم يعلم أحد كيف
تنبأ ذلك الرجل بالأمر، ولم يعلم هو نفسه كيف استطاع ذلك !!
وهناك أيضاً حادثة السفينة
الأسطورية (ار ام اس تايتانيك) عندما غرقت في أول رحلة لها، فقبل إبحارها من ميناء
ساوثهامبتون في بريطانيا بفترة قصيرة، ووسط جموع المودعين، صرخت امرأة بالناس
تخبرهم بأن السفينة ستغرق في رحلتها الأولى، وراحت تتوسل إليهم أن يفعلوا شيئاً
لمنع تلك الكارثة، إلا أن أحداً لم يكن ليصدق أن تلك السفينة العملاقة ستغرق
بالفعل، وقد ظن الناس أن المرأة مجنونة، لذا فقد تجاهلها الجميع ولم يلتفتوا
إليها، ونعلم بعدها ما حصل لتلك السفينة الهائلة التي لم يكن لأحد أن يصدق أنها
ممكن أن تغرق يوماً، خاصة في رحلتها الأولى !!
هذا بألاضافة لرواية (العبث)
لكاتبها مورجان روبرتس التي يراها البعض وكأنها نبوءة حول غرق ار ام اس تايتانيك
(إقرأ التفاصيل هنا) .
وعلى الرغم من الدراسات والأبحاث
الهائلة التي جرت حول الاستبصار كونه من أقدم الأمور الغيبية والغامضة، إلا أن
أمراً لا زال يثير الجدل، ولا زال البعض يرفضون تلك الفكرة تماماً، بناء على
معتقدات دينية، أو حتى بدون سبب، في حين نجد آخرين -وخاصة العلماء والباحثين– لا
زالوا يجرون دراسات جادة حول تلك القضية، علهم يكشفون بعض الغموض المحيط بها .
المصدر
- كتاب (خلف اسوار العلم)
إرسال تعليق
شارك بالنقاش عبر كتابة تعليقك