الأحد، 30 أكتوبر 2016

- الرجل الذي لم يتمكنوا من إعدامه

إعداد / عطية ابو خاطر
قصة غاية في الغرابة لرجل ذاعت شهرته باعتباره 
" الرجل الذي لم يتمكنوا من إعدامه ".. 
فهو الوحيد من بين المحكوم عليهم بالإعدام ، الذي وقف فوق منصة المشنقة وعقدت خية حبل المشنقة حول عنقه .. وعاش ليحكي قصته التي تقشعر لها الأبدان .



كان الشاب العشريني (جون لي) في صباح 22 فبراير 1885 يسير عبر ممرات سجن (اكستر) بجسده النحيف الذي ضاعف من الإحساس بنحافته ذلك القميص الأبيض الرقيق الذي كان يرتديه ، وذلك السروال الأسود الضيق .. يسير وقد رفع رأسه ، دون أن ترتسم على وجهه أية تعبيرات .. كان من الصعب على أحد ما أن يصدق حقيقة أن جون كان في طريقه خلال هذه الممرات إلى حبل المشنقة لكن جون لم يكن شخصاً عادياً !!

لقد كان جون يعرف أنه لن يموت مشنوقاً .. لقد شاهد ذلك في منامه خلال الليلة السابقة لمحاولة إعدامه .. رأى في أحلامه أن الثغرة التي يقف عليها فوق منصة المشنقة لن تنفتح .. وهذا هو ما حدث حقيقة في الواقع !!

عمل جون لي في السنوات الثلاث السابقة لذلك اليوم الغريب ، في خدمة عانس عجوز تدعى الآنسة إيما آن كيز ، بمنزلها الكائن بدوفن كعامل بستاني ، بالإضافة إلى بعض الأعمال الصغيرة الأخرى التي كان يكلف بها .. وكان لي يتقاضى لقاء ذلك من مخدومته الغنية البخيلة أربعة شلنات في الأسبوع .

وفي مساء 14 نوفمبر عام 1884 وقعت حادثة القي على إثرها جون في السجن .. فقد وجدت الآنسة كيز مذبوحة في حجرة الكرار بواسطة سكين البستاني الذي كان يستعمله لي .. وعلى الفور تم القبض على جون لي الذي كان ينام في حجرة صغيرة مجاورة لحجرة الخزين التي وجدت فيها الجثة .. ووجهت إليه تهمة القتل .

وفي 4 يناير عقدت المحاكمة في أكستر ، وحكمت عليه المحكمة بالإعدام شنقاً ، ذلك أن المحلفين لم يوصوا باستخدام الرأفة معه .

ومن واقع التحقيقات تبين أن الآنسة كيز كانت قاسية على من يعملون في خدمتها ومن بينهم جون لي .. وكانت تفرض عليهم العمل الشاق لساعات طويلة ، ثم تقدم لهم أقل القليل من الطعام ، ما يكفي بالكاد لإقامة أودهم ، ثم بعد هذا تدفع لهم أبخس الأجور . وقد خصت الآنسة كيز خادمها وعامل بستانها جون لي بمعاملة أكثر قسوة ، فرغم راتبه الصغير أصلاً ، كانت بين الحين والآخر تجري الخصم تلو الخصم على راتبه ، متعللة بأتفه الأسباب .. وقبل موتها مباشرة ، أخبرته أنها ستجري تخفيضاً قدره شلن كل أسبوع على راتبه .. وقد نظرت المحكمة إلى هذا باعتباره الدافع المباشر للجريمة .

ومع هذا .. فقد كان لي خلال المحاكمة رابط الجأش ، هادئاً بشكل ملفت .. ولم يكن يبدو كشخص يمكن أن يقتل في ثورة غضب مفاجئة .

لفت هذا نظر القاضي .. وقد علق عليه وهو يسأل جون لي إذا ما كان لديه ما يحب الإفضاء به ..

فقال جون لي :
" السبب في هدوئي يا سيدي القاضي ، هو انني لن أشنق .. فالله يعلم انني برئ " .

قالها دون ان يعلم ان هذا ما سيحدث فعلاً

فبينما كان لي نائماً في زنزانته نوماً عميقاً في الليلة السابقة لشنقه ، كان رجال السجن يختبرون المشنقة التي ستكون أداة تنفيذ الحكم .

كانت قاعدة المشنقة التي يقف عليها المحكوم عليه بالإعدام شنقاً  تتكون من ضلفتي باب يمسكهما من أسفل ترباس يتم التحكم فيه عن طريق ذراع تتصل برافعة .. وعلى الشخص الذي سيتم إعدامه أن يقف وقد وضع كل قدم على ضلفة من ضلفتي الباب .. وعندما يتحرك ذراع الرافعة ، ينسحب الترباس فتهوى الضلفتان إلى أسفل ، ويسقط المشنوق إلى بئر المشنقة معلقاً في حبلها من رقبته .. وكما هي العادة قبل تنفيذ اي عملية إعدام تم تجربة هذا الترباس خمس مرات ، وكان في كل مرة يعمل بشكل طبيعي جداً .

في السابعة من صباح 23 فبراير .. استيقظ لي وقص على حارسه تفاصيل الحلم الذى رآه في نومه .. قال للحارس صمويل بنيت
" رأيت في منامي أنني أقاد إلى حديقة صغيرة  تنصب وسطها مشنقة ، ثم أدفع لصعود درجات المشنقة .. ثم وضع غطاء على رأسي ، وأدخل حبل المشنقة حول عنقي .. واحسست بمنفذ حكم الإعدام يدفع الرافعة ، وأحسست بالترباس يتحرك تحت قدمي ، لكن الباب الذي أسفلي لم ينفتح !! .. لذلك أعتقد أنهم لن ينجحوا في إعدامي " .

بعد هذا بأقل من نصف ساعة .. تحقق حلم جون لي بتفاصيله !!

كانت المشنقة مقامة فعلاً في حديقة صغيرة داخل أسوار السجن ، ولكن في مكان لا يتيح للسجناء أن يروا الحديقة أو المشنقة من زنزاناتهم .. كما أن لي لم يكن يعرف بوجود حديقة ما داخل أسوار هذا السجن .

وفي الثامنة غادر لي زنزانته ، واقتيد إلى حيث المشنقة .. هناك جرى تقييد قدميه ، ووضع الغطاء على رأسه ، ثم وضعت  خية حبل المشنقة حول عنقه .. ودفعت الرافعة ، وسمع الجميع صوت الترباس وهو يتحرك من مكانه .. لكن جون لي لم يسقط داخل البئر ، لأن الباب أسفله بقي مغلقاً !!

ظل ضابط السجن ومنفذ حكم الإعدام وشهود التنفيذ في مكانهم يخيم عليهم الصمت المطبق وقد فغروا أفواههم .. لكن لي لم يتحرك من مكانه أو ينطق بشيء .. لقد كان أهدأ الموجودين في حديقة السجن !!

الاغرب انه وعندما أزيح جون لي من مكانه .. انفتحت على الفور ضلفتا الباب !!

أعيد لي إلى زنزانته ، بينما انهمك المختصون والمسؤولون في فحص باب المشنقة .. وعند كل تجربة كانت المشنقة تعمل بكفاءة تامة وبنعومة كاملة .

وجيء بجون لي مرة ثانية إلى المشنقة .. ومرة ثانية تكرر ما حدث في المرة الأولى !! .. فعادوا به إلى زنزانته من جديد ..
وعندما جرت المحاولة الثالثة لم يفتح باب المشنقة ايضاً .. هنا فقط تكلم لي من خلف غطاء الرأس

" لن تتمكنوا من إعدامي .. فالله يعلم انني برئ " .

انهمرت الدموع من عين القسيس الذي كان يحضر تنفيذ الحكم ، وقال برجاء :

" هذه إرادة الله .. لا يجب أن تحاولوا إعدام الفتى مرة أخرى " .

أمر ضابط السجن بإعادته إلى زنزانته ، وانهمك في كتابة تقرير عما جرى ، وقام برفعه إلى السلطات .. وهكذا تم تخفيف الحكم على جون لي من الإعدام إلى السجن المؤبد .

امضى لي 20 عاماً في السجن .. وعاش بعد ذلك 15 سنة أخرى بعد الإفراج عنه حتى مات بشكل طبيعي عام 1920 .

وهكذا اصبح جون لي

" الرجل الذي لم يتمكنوا من إعدامه "

المصدر

- 30 ظاهرة حيرت العالم – راجي عنايت

هناك 7 تعليقات:

  1. سلام الحجيمي

    معلومة طريفة ومشوقة شكرا لعطاياك يا عطيه

    ردحذف
  2. ليست عطايا عزيزي .. جل ما اتمناه هو ان اكون عند حسن ظن الجميع .. وان تروق لكم المقالات دوماً

    ردحذف
  3. سلام الحجيمي

    لجهلي بالمعلومة سأعتبرك من منحني أياها ... نتمنى لك كل التوفيق

    ردحذف
  4. ابراهيم قرطيش

    من روائعك

    ردحذف
  5. Mohamed Hamid

    مشكور على المعلومة والقصة الرائعة والمشوقة

    ردحذف
  6. تامر على الطويل

    لو بصينا ليها من باب الدين سنقول على الفور انها اراده الله الذي لا راد لقضائه ولو بصينا ليها من باب علمي بحت سنقول انها جري اتفاق مع شخص ما لوقف او تعطيل ترباس ارضيه المشنقة ولو من دافع ايهام الشخص المنفذ انها اراده الله ' فكما تقول روايتك انه اخبره قبلها بالحلم الغريب وانها اراده الله

    ردحذف
  7. احمد ابو المنذر

    رائعة
    شكرا لك

    ردحذف

شارك بالنقاش عبر كتابة تعليقك