![]() |
إعداد / كريم شوابكة - كمال غزال مشاركة / عطية ابو خاطر |
ترافقت نشأة السحر مع نشأة الدين منذ القدم وتميز السحر بنوعين، الأول يقوم على عبادة الكواكب وإستغلال طاقاتها الخفية المزعومة في قضاء الحاجات والثاني يستعين بالمخلوقات الغيبية كالجن والأرواح الشريرة من خلال إقامة جلسات إستحضار الأرواح بهدف التأثير في الأجسام وطبيعة الأنفس البشرية .
على مر التاريخ جمعت تلك الأفكار
والطرق التي قد يصفها البعض بـكلمة " علوم قديمة " في كتب ومراجع ، وبعض
تلك الكتب انتقل من جيل إلى آخر في السر وأخرى
لم تعد إلى الظهور مجدداً فدفنت أسرارها مع الساحر المؤلف نفسه ، في حين
كان يتم التخلص عمداً من الكثير منها مخافة أن تشكل تهديداً لسلطة الدين أو الحكم
على حد سواء .
فكتب الشعوذة كانت وما تزال هدفاً
لحرب الدين عليها لأنها تمثل عهوداً شيطانية تتناقض مع الإيمان بالله وتستبدله
بسلطة الشيطان .
لقد كان لليهود قديماً دور لا
ينكره الباحثون في إنتشار الكتب التي تعلم أصول السحر وفنونه منذ أيام النبي
سليمان الحكيم عليه السلام وحتى قبل ذلك بكثير منذ أيام إستعبادهم في مصر
الفرعونية إلى حين خلاص بني إسرائيل على يد موسى عليه السلام ، ويقال أن القبائل
التي كانت تحرس هيكل سليمان في القدس كانت تحتفظ بالعديد من تلك الكتب وعندما هدم
الهيكل هاجرت باقي القبائل إلى أماكن مختلفة ومنها أوروبا ..
ومنهم العراف اليهودي الاشهر (نوسترداموس) المعروف بـ
رباعياته المشهورة والذي يعد من أواخر تلك السلالة .
يعتبر "
كتاب الموتى " Necronomicon من أبرز كتب السحر إذ يرجع
تاريخه إلى الطقوس الفرعونية القديمة وهو كغيره من كتب الشعوذة يمر بمراحل عدة من
الإضافات والتعديلات من قبل عدد من الذين امتهنوا السحر والشعوذة . إلى حد
أنه انتشر في أوروبا وترجم إلى عدة لغات .
- ما هو النيكرونوميكون Necronomicon
؟
![]() |
تم ترجمة كتاب (نيكرونوميكون) الي عدة لغات |
- أصول الكتاب
تُرجم " كتاب الموتى " إلى الإغريقية
بواسطة (ثيودور فيلاتاس) عام 1050م وأخذ اسم نيكرونوميكون من وقتها .. وفي عام 1232م أمر البابا آنذاك أن تتم حرق كل
النسخ وبمنع تداوله و تكرر الأمر نفسه مع قصة شفرة دافنشي ولكن الأمر لم ينجح .
بعد هذا بوقت طويل وتحديداً في
فترة إخراج العرب قسراً من الأندلس ، احتك راهب اسمه ( فيرمياس ) كثيراً بالثقافة
العربية وسمع عن وجود نسخة من هذا الكتاب في مكتبة الفاتيكان وهي المكتبة التي
أدرك أنها تحتوي على كل شيء .
وبطريقة ما حصل على كتاب
النيكرونوميكون وترجمه إلى اللاتينية ، ولكن أمر الكتاب تسرب وألصقت تهمة الهرطقة
بالرجل ونفذ فيه حكم الإعدام .. ومع ذلك سربت نسخ كثير من الكتب إلى درجة أنه
اطلقت كلمة
" نكرومانسر " على
من يتدارس فيه ، وكان من ضمن هؤلاء نكرومانسر محترف وهو يهودي اسمه ( يعقوب اليتزر) ترجم الكتاب إلى
العبرية وأسماه " سفر هاشاري حاداث
" أو بالعريبة كتاب "بواب المعرفة" وكان ذلك في عام
1664.
![]() |
(ناثان غزة) اشهر من كتب عن (النيكرونوميكون) |
- كتاب " العزيف "
يقال
ان كتاب نيكرونوميكون هو امتداد لكتاب ذكره كاتب الرعب الأمريكي لافكرافت في عدد
من قصصه .. وهو كتاب (العزيف) الذي ألفه شاعر عربي من صنعاء اسمه عبد الله الحظرد يتحدث
الكتاب عن الكيانات القديمة وتاريخهم وكيفية الاتصال معهم واستحضارهم .
وقعت ترجمة ( جون دي ) لكتاب
نيكرونوميكون بيد أشهر ساحر في العصر الحديث وهو (اليستر كراولي) ، وقد تأثر اليستر كرولي كثيراً بشخصية عربية
اسمها (عبدالله الحظرد) لدرجة انه تقمص
شخصيته وسافر إلى كل مكان يعتقد أنه ذهب إليه منها صحراء الربع الخالي لكي يعيش
التجربة التي عاشها الحظرد على حد زعمه .
وهناك قصة اخرى مخيفة عن وجود نسخة من الكتاب في
منطقة اوشتر هورن قرب سالزبيرغ يقال انها مكتوبة على جلود ضحايا
الهولوكوست .
وهناك من قال ان اليستر كراولي كان
قد عمل في وقت من الاوقات مع زعيم جماعة ماسونية ومن هناك تسربت نسخة من الكتاب
الى افراد في حكومة (ادولف هتلر) الذي كان مهتماً دائماً بالحصول على تلك الكتب
الغامضة .
كما ان ترجمة جون دي اختفت من متحف بودليان البريطاني بعد
عملية اقتحام في ربيع 1934م .
وفي عام 1918 تعرف كراولي على
امرأة يهودية ألا وهي ( سونيا جرين ) والتي أغرم بها و حكى لها عن تجاربه وعن
نيكرونوميكون وكل ما مر به من تراجم .. وظلوا فترة متحابين إلى أن انفصلوا ، ثم
تزوجت سونيا من كاتب الرعب الشهير (لافكرافت) .
ومن هنا نستطيع القول أنه قد يكون
مصدر أفكار لافكرافت بخصوص الثقافة العربية والشمالية هو سونيا جرين التي كانت
تسليه بهذه القصص علماً بأنه كاتب قصص رعب – وهذا لا يمنع موهبته بالطبع – وهو
دليل على استمداده لأسماء مثل عبدالله الحظرد والعزيف – وهي أسماء قد تدل على
العربية – أو أسماء مثل كثوللو و يوج سوثو – وهي أسماء شمالية أو فايكانجية بحتة
النيكرنوميكون أشتهر لدرجة أن ثلاثية أفلام ( الموتى الأحياء ) قامت على أساسه .
- من هو الحظرد ؟
![]() |
صورة تخيلية للحظرد |
وقيل أيضاً أن اسمه عبد
الحظرد Abdul
Alhazred ،
وبالطبع هذا غير صحيح لان الحظرد ليس من أسماء الله تعالى الحسنى .. على ذمة
المؤرخين الذين عاصروا عهد الأمويين في عام 700 م .. ولد الحظرد في صنعاء في شبابه وسافر كثيراً إلى
أطلال بابل ، وخلال أسفاره تعرف إلى مجموعة من الناس كانوا مستقرين في مدينة بغداد
هؤلاء الناس أصلاً من الكلت أو الفايكنج قاموا بإنشاء مجتمع خاص لهم و منغلق
تماماً حتى أن الإسلام لم يدخله وأطلق عليهم اسم "الصابئة" ، الحظرد كان
يزورهم كثيراً لدرجة أن أفكاره تأثرت بهم ، ومن بغداد ذهب إلى صحراء الربع الخالي
وهناك استقر عشر سنين زعم فيها انه اكتشف بقايا مدينة إرم وهي المذكورة في القرآن
الكريم أنها ( إرم ذات العماد ) والتي تقع في منطقة الأحقاف مابين وادي حضرموت
وعمان وهي مدينة قوم عاد والتي يقال أن قاطنيه هم من نسل ملوك " جرهم "الذين
كانوا عمالقة
بعد ان ادعى الحظرد انه وجد مدينة
إرم ادعى ايضاً بانه وجد مدينة لا اسم لها بالقرب من اطلال إرم حيث قال الحظرد ان
سكان تلك المدينة القديمة كانوا من عرق شبيه بالزواحف واشكالهم تجمع مابين التمساح
والفقمة وان معظم مبانيها ذات ارتفاع منخفض وبعضها يستحيل على الانسان الدخول
اليها .
الحظرد ..
لو ركزنا جيداً فى هذا الاسم
لوجدنا انه اسم غير مالوف فى اللغه العربيه .. كلمة الحظرد نفسها ليس لها معنى ..
ويعتقد الباحثين الغربيون الذين
يجيدون اللغة العربية ان اسم الحظرد هو اختصار لاسم (عبد الله ظهر الدين) او (عبد
العزى الراهب بن عاد) ولكن اسم كهذا يستحيل وجوده بعد انتشار الاسلام ..
اذن ماهو سر ذلك الاسم ؟
الغريب ان تلك الشخصيه يحيط بها
الغموض من كل جانب حتى اسمه يكتنفه الغموض.
وفى تاريخ حكاه لافكرافت وحكاه
بعض المهتمين بهذه الامور لاتزال شخصيه الحظرد تثير التساؤلات لدى الباحثين
والباحثين عن الحقيقه .
![]() |
الكيانات القديمة التي زعم الحظرد انه التقى بها |
بعد ذلك أستقر الحظرد في دمشق
ليكتب كتابه المخيف " العزيف " ومعناها صوت الحشرات التي تصدر بالليل
والتي كان يعتقد العرب أنها أصوات الجن والشياطين وهم يتحاورون وهو دراسة سحرية لمعرفة أسرار الماضي .
يقال ان هذا الكتاب ما هو الا
نموذج لفكر المشعوذ الشهير (نوستراداموس) وهذ خطا شائع بين المهتمين بهذه الامور
لان (نوستراداموس) استخدم اساليب سحريه لتقصى المستقبل ام كتاب العزيف فقد اعتمد
على اساليب سحريه لتقصى الماضى .
- مصير الحظرد
يقال ان الحظرد أساء استغلال ما
تعلمه من الشياطين والكيانات القديمة لدرجة أنهم عاقبوه وقتلوه شر قتلة.
وككل من لهم تعاملات مع تحضير
الأرواح جاء موته أو اختفاؤه النهائي عام 738م بشكل غامض كما يقول (ابن خلكان)
-المؤرخ في القرن 13- :
" اختطف من قبل وحش مخيف
التهمه في وضح النهار في وجود شهود جمدهم الخوف ".
وقد حاولت فرق البحث والتقصي من
جامعة ميسكاتونيك التنقيب عن الآثار الذي تكلم عنها الحظرد في كتابه العزيف ومن
خلال هذا البحث حاولوا التعرف على الأماكن التي كان يقيم بها وبعض الرفاة الموجودة
في الأماكن التي أشار اليها .. حيث تم حفظ هذه البقايا البشرية في الأقسام
التاريخية في الجامعات.
- كتاب الموتى : بين الواقع والخيال
استعان الحظرد بالعديد من الأحداث
التي تم التلميح لها في سفر التكوين وكتاب إينوخ وبعض الأساطير القديمة .. واعتقد
بأن هناك أجناس أخرى سكنت الأرض قبل الإنسان وأن المعرفة البشرية انتقلت للبشر من
أجناس تعيش خارج هذه الأرض ومن وراء هذا العالم (تشبه إلى حد ما أفكار الحركة
الرائيلية في عصرنا) .
وظن بأنه اتصل بالكيانات القديمة
عن طريق السحر وحذر من أنهم قادمون لاسترجاع الأرض من البشر .. إدعى الحظرد أن الكيانات القديمة تعيش في ما
وراء هذا العالم وأنها كانت تريد الإتصال بالأرض بأي طريقة ممكنه للوصول إليها
والسيطرة عليها .. وقد استطاعوا أن يتقمصوا شكل الإنسان وأن يعيشوا بين بني البشر
وأن يتزوجوا منهم ليكثروا نسلهم على هذه الأرض .
وتم ذكر تلميحات كهذه في سفر
التكوين وخاصة في قسم العمالقة في سفر التكوين (6.1 و 6.2). ويتم تفسير وتفصيل
القصة أكثر في كتاب إينوخ حيث يذكر الكتابان أن مجموعة من الملائكة قد أُرسلو
ليعتنوا ويهتموا بكوكب الأرض .. وأن بعضاً من هؤلاء الملائكة قد عشقوا بنات
الإنسان .. فهبط 20 منهم إلى الأرض
وتزوجوا من الإنسيات وأنجبوا منهم .. ولكن ذريتهم عاثت فساداً في الأرض .
ويذكر سفر التكوين أن الفيضان
الذي حدث ما هو إلا لتطهير وغسل الأرض من هذه الذرية .
- صلة مع الكابالا
![]() |
هل هناك صلة بين الكابالا وطقوس (نيكرونوميكون) |
ومن الجدير بالذكر أن الكهنه
كانوا يعتمدون على الحرص في تعليم أي تلميذ بنطق الاسم الصحيح ومثال على ذلك كان
نطق " يهوه " مره واحده كل سبع سنوات ويشترط بأن يكون الكتبه الذين
ينقلون هذه الأسماء بحالة ذهنيه وتعبديه عند الكتابه فأذا ما أخطأو في كتابة حرف
واحد بات الخطأ غير قابل للتصحيح لأنه غير مسموح بمحو أي حرف أو أي جزء من الاسم
بعد أن يكتب ومن هنا نجد أن الحظرد أعتمد في كتابه على تلك الطقوس والطلاسم والرؤى
الشيطانيه لجعل كتابه فرعاً من فروع السحر الذي يعتمد على استخدام الحروف والأرقام
لاستحضار وتصنيف أرواح الأموات عن طريق الأسماء حيث وضح قانون يرتب فيه التسلسل
الزمني والأبجدي لقانون الموت الذي يخص كل قرين أو شيطان موكل بكل انسان تم موته
سابقاً .. ومن خلال ذلك يتضح لنا أن التشابه بين كتاب الحظرد وبعض الكتب الأخرى
التي اختصت في علوم السحر مثل (شمس المعارف ) - إقرأ عن كتاب شمس المعارف هنا - من جانب وبين سحر الكابالا
من جانب آخر هو هذه الطلاسم والحروف والأرقام في عمليات الاستحضار وليس كما يظن
البعض وخاصه فيما تعرضه اغلب المنتديات الثقافيه والمواقع التي تحدثت عن هذا
الموضوع .
فالاختلاف هو أن فكرة الكابالا
تمجيد للآلهة ضمن طقوس وقرابين يقدمها الكهنه والعارفين بالتوراه أليه تتضمن السير
قدماً نحو المستقبل أما كتاب الحظرد فهو طقوس وقرابين تقدم للشياطين لمعرفة
الأسرار السحريه التي تتضمن محاكاة واستنطاق الجثث بنوع من الاسترجاع وليس القراءه
للمستقبل .
ومن هنا نستطيع أن نقول أن
الأفكار التي وجدت لدى شخصية الحظرد هي أفكار تخص شخصيته وليس هذا الكتاب .
المصادر
- ويكيبيديا
إرسال تعليق
شارك بالنقاش عبر كتابة تعليقك