![]() |
إعداد / عطية ابو خاطر |
في عام 1917 وعند قيام الثورة
البلشفية في روسيا القيصرية اعتقل رجال الثورة عائلة القيصر نيقولا رومانوف
الحاكمة كلها ، القيصر و زوجته و أطفاله الأربعة وتم وضعهم في كوخ حقير انتظاراً
للمحاكمة التي كان سيجريها رجال الثورة .
وكانت أنستازيا في ذلك الوقت طفلة
صغيرة لا يتجاوز عمرها تسع سنوات ولا تعي بطبيعة الحال ما يدور حولها .
وفي عام 1918 .. أي بعد سنة واحدة
من اندلاع الثورة صدر الحكم بإعدام جميع أفراد الأسرة رمياً بالرصاص بما فيهم
أنستازيا و تم تنفيذ هذا الحكم في إحدى المناجم على نحو همجي
![]() |
(الاميرة انستازيا) |
وفي كتاب نشر سنة 1992 باسم
"القيصر الأخير" سردت وقائع الليلة الأخيرة لهذه الأسرة ، حيث أوقظ
أفراد الأسرة في منتصف الليل و أجبروا على ارتداء ملابسهم بدعوى نقلهم لمكان جديد
أكثر أمناً .. وما هي إلا دقائق حتى دخل عليهم ضابط يدعى (يوروفسكي) الذي بدأ بإطلاق
النار عشوائياً على أفراد الأسرة وسط دخان كثيف .. وبعد إنجلاء الدخان عرف الخاطفون
سر المجوهرات الملكية التي تم أخفاءها في أحشاء الوسادات و ملابس الأطفاء حتى يتم إبعادها
عن أعين الطامعين .
يقول يوروفسكي في مذكراته أن
المجوهرات كانت كالدرع الواقي ضد الرصاص و أنه تم إكتشاف إختفاء أنستازيا وأختها
ماريا وهروبهما ، إلا أن ضابطاً آخر أفاد بأنه تم العثور على جثة أنستازيا
ولكن خلال نقل الجثث تم إكتشاف
بأن بعض الأميرات ما زلن على قيد الحياة و كن يصدرن أصواتاً أقرب الى الأنين .
ومنذ ذلك الحين قامت الكثيرات
بالأدعاء بأنها الأميرة أنستازيا الهاربة سليلة ووريثة روسيا القيصرية .. فعلى
الأقل أدعت 10 فتيات هذا الأمر .. بل قد تم دفن فتاتين شقيقتين تعيشان في جبال
الأورال تحت هذه المسميات .. وعزز هذه الشائعات بأن الكثير من فرق البحث انتشرت في
المناطق الجبلية النائية ومحطات القطار تبحث عن طفلة نبيلة هاربة .. بل ان أحدى
الأميرات أدعت فيما بعد إن العديد من الأطفال قد تم عرضهم عليها من قبل رجال
الثورة الحمراء على أمل العثور على أنستازيا الهاربة .
وتعد أشهر المدعيات فتاة تدعى (آنا
أندرسون) .
ففي
عام 1933 أقدمت فتاة مجهولة على الإنتحار بإلقاء نفسها في أحد الأنهار بلندن وتم
انقاذها لكنها فقدت ذاكرتها .. وفجأة و بلا مقدمات استعادت بعضاً من ذاكرتها لتعلن
بأنها الأميرة الهاربة .. وكانت صدمة شديدة اثارت جميع وسائل الإعلام وإكتظ
المشفى بالصحفيون الذين هرعوا لمقابلة تلك الفتاة إلا ان الأطباء منعوهم من الوصول إليها
وجاء التقرير الطبي ليزيد الامر غموضاً فقد ذكر التقرير إن الفتاة مجهولة الهوية ويوجد اثار
لأربع رصاصات قديمة على جانبي ذراعها والتف النبلاء الروس حول تلك الفتاة في لندن
لمعرفة الحقيقة وكانت الفتاة تؤكد لهم طوال الوقت انها لا تسعى إلى
تعويضات مادية و إنما تسعى لإثبات نسبها فحسب وقد عللت نجاتها من
حكم الاعدام بانها كانت تحتضن كلبها لحظة إطلاق النار لذا لم تصبها الرصاصات إلا
على جانبي ذراعها وانها فقدت الوعي من هول الموقف ووقتها إكتشف جندي روسي إنها
لا تزال على قيد الحياة فصحبها إلى منزله سراً واستطاع تهريبها الى
هنغاريا .
الغريب
في الأمر أن جدة أنستازيا الحقيقة كانت قد تمكنت من الهرب إلى
الولايات المتحدة ورفضت مقابلة تلك الفتاة مؤكدة بأن حفيدتها أعدمت مع بقية أفراد
الأسرة وهي متأكدة من ذلك ، حتى تمكن صحفي روسي من نقل الفتاة لمقابلة جدتها
المزعومة التي سرعان ما توفيت فجأة ليصدر بياناً من أثني عشر من أقرباء أنستازيا
ينكرون فيه أي صلة قرابة مع تلك الفتاة من أجل التمتع بالإرث الحصري للجدة
المتوفية .
وسرعان
ما نست الصحافة هذه القصة لتعود الفتاة إلى بريطانيا و تدخل في معركة قضائية طويلة
إنتهت بحكم شهير في سنة 1970 ، حيث قررت المحكمة بعد سماع المئات من الشهود و
مراجعة كمية ضخمة من الملفات والوثائق التاريخية بأنه لم يثبت بشكل قاطع بأن (أنستازيا
رومانوف) قد لقيت حتفها خلال إعدام أفراد الأسرة ، كما لم يثبت أيضاً أن هذه
الفتاة هي نفسها أنستازيا ، لتعود القضية الى نقطة البداية .
ولم
ينته الأمر عند هذا الحد ، فبعد إنهيار الأمبراطورية الشيوعية ، أعلن
مجموعة من الباحثين انهم كانوا على علم - و منذ مدة طويلة - بالمكان السري الذي
دفنت فيه عائلة رومانوف ، إلا أنهم كانوا يخشون إثارة الموضوع مرة أخرى خوفاً من عقاب
الحكومة السوفيتية ، أما الآن و بعد أنهيار النظام الشيوعي فهم على أتم الإستعداد
للكشف عن المكان .
وهذا
ما حدث فقد تم إستخراج العظام التي كانت متكدسة عشوائياً وتم
عرضها على فريق متخصص روسي و كانت النتيجة الرهيبة التي أكدت بأن الأطباء الشرعيين
استطاعوا تمييز عظام جميع أفراد الأسرة ما عدا أنستازيا واختها ماريا اللتين كانتا
مفقودتين .
ما
لم يذكره الكتاب هو إن آنا أندرسون توفيت في سنة 1984 و تم أجراء
فحوصات جينية عليها في سنة 1994 و تمت مطابقتها مع عينات لأقارب الأسرة القيصرية وقد
تم الأنتهاء بأنها ليست الأميرة أنستازيا بل هي إبنة أحد عمال المناجم في بولندا .. الأمر
المثير هو أنه لم يتم التأكد بأن العينة التي تم أختبارها هي فعلاً لآنا أندرسون .
في
سنة 1995 تم إجراء أختبار لمطابقة وجه و تقاسيم جمجمة آنا
أندرسون مع الأميرة أنستازيا .. وهذه المرة كانت النتائج أيجابية .. ولكن تبقى
البحوث الجينية هي الأكثر دقة .
إرسال تعليق
شارك بالنقاش عبر كتابة تعليقك