الثلاثاء، 3 أبريل 2018

- حورية البحر اليابانية : هل هي موجودة ؟


بقلم / حسن زيدي

كثيرا ما تحدث الفلكلور الشعبي سواء من كل أرجاء الأرض و مختلف الثقافات عن حورية البحر لاعتبارها مخلوقا أسطوريا موجودا في المحيطات العميقة , مكونة من جزءين الأول بشري و الثاني عبارة عن ذيل سمكة .

كما جاء وصف الحورية في أساطير شعوب بعض المناطق مثل الشرق الأدنى و أوروبا و أفريقيا و آسيا على أن لها قدرات مختلفة مثل التنبؤ بالكوارث والتسبب في إحداثها , مما يتسبب كذلك في غرق السفن , وإثارة العواصف و إغراء البحارة إلى عذابهم و قد ادعى العديد منهم بأنه رأى حوريات البحر.


- تاريخ حوريات البحر في اليابان

إن أساطير حورية البحر في اليابان لديها تقاليدها القديمة الخاصة , وهذه ليست بالضرورة مفاجئة لأن اليابان بلد محاط بالبحر. تعرف هذه المخلوقات باسم نينغيو Ningyo وهي تعني حرفيا  "الأسماك البشرية"  , أو غيوجين Gyojin والتي تعني  "إنسان الأسماك"  , أو هانغيو-جين Hangyo-jin معناها  "إنسان نصف سمكة" .

تم تداول قصص أسماك تشبه الإنسان على مدى قرون , ولكن تسجيلها الأول كان في عام 619. وخلال نظام الإمبراطور (سوكو) , قيل أنه تم القبض على حورية بحر وقدمت أمامه في البلاط , و يقال أن ذلك المخلوق تم الإحتفاظ به في مكان سري في قصر الإمبراطور وكان ذلك بدافع الترفيه عن الزوار !

- مواصفات و سمات حورية البحر اليابانية :

تصور بعض النقوش القديمة أن الحورية هي عروس البحر العذراء الجميلة وذات ذيل السمكة , لكن هذه الرؤيا الغربية لحورية البحر بعيدة كل البعد عن نظريتها اليابانية , فقبل تأثير تلك الصورة في الخيال الشعبي الياباني , تم تصوير حوريات البحر كوحوش قبيحة و وحشية , لكن الميزة المشتركة بين الصورتين هي الشعر حيث وغالبا ما توصف بأنها ذات شعر طويل و لامع .



غالبا ما تظهر حكايات حوريات البحر اليابانية المعروفة أكثر باسم (نينغيو) وكمزيج بين الأسماك و القرد وكثيرا ما قيل أن لها فقط رأسا شبيها بالإنسان , أو القرد , أو رأس زاحف مع أسنان حادة بجسم سمكي بدلا من جذع بشري كامل. ويعتقد أن لحوريات البحر قرونا على رأسها , أو أنيابا بارزة و صفوفا من الأسنان المدببة شبيهة بأسنان القرش .

كما تم أيضا تصوير حورية البحر اليابانية بصورة أكثر شرا و شيطانية إذ أن البعض منهم كان له بشرة بيضاء و صوتا موسيقيا مخيفا و عاليا بدا أكثر من الناي أو آلة Skylark

- القوى السحرية التي امتلكتها (نينغيو)

تماما مثل أي مخلوقات أسطورية أخرى من اليابات فالحوريات لديها قوى باطنية , حيث كان يعتقد أن دموعها لآلئ .. ولديها شباب أبدي .. أما جمالها فقد شاع الإعتقاد بأنه سيتم نقله إلى أي إنسان يأكل من لحمها ! وهناك بعض الأساطير التي تقول إن النساء اللواتي استهلكن لحم حورية البحر قد توقفن عن النمو بأعجوبة أو حتى عدن إلى عمر أصغر و أكثر جمالا.

ويقال أن حورية Merfolk من الفولكلور الياباني لديها قدرة تحويل الشكل , إذ أن هناك العديد من القصص التي تتحدث عن حالات تتحول فيها حورية البحر إلى بشر أو مخلوقات أخرى . ومن الأمثلة الجيدة على ذلك ,الحادثة التي وقعت في عام 1870 حيث كان يعتقد أن حراس المروج في منارة (كيب نوساوبو) في شمال شرق (هوكايدو) قد استدرجتهم حوريات بحر. وكان من المعتقد أن حوريات البحر كانت تتنكر على شكل نساء جميلات يرتدين لباس (الكيمونو) الياباني على الشاطئ لإغواء الرجال و جذبهم إلى البحر , وبمجرد أن يصبح من وقل في شراكها مفتونا , ستتحول نينغيو إلى سمكة (جيلي) عملاقة و تقتل الرجال السذج الذين سيذهبون للسباحة معها .

- مشاهدات في العصر الحديث

كانت مشاهد حورية البحر ظاهرة شائعة في العصور السابقة , من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر , ولم تكن تعتبر من نسج الخيال .. سجلت رواية حديثة عن رؤية حورية البحر في عام 1929 عندما التقط صياد سمك يدعى (سوكومو كوتشي) مخلوقا في شبكته يشبه السمكة إلا أن له وجه بشري على رأس كلب , بعدها اخترق المخلوق الشبكة و هرب .

خلال الحرب العالمية الثانية , كانت حوادث رؤية حوريات البحر مشهدا متكررا , خاصة في المياه الدافئة لأوكيناوا . وبحسب ما ورد في ذلك الوقت فقد أطلق أفراد البحرية اليابانية النار على هؤلاء المخلوقات و لكن لم يتم العثور على جثث تثبت هذه المزاعم , ويذكر أنه قد تم إعداد هذه التقارير من قبل مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى إلى حد ما , لذا من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه القصص حقيقية أم غير ذلك .

كما أفاد بعض المستكشفين الأجانب في بعض الإدلاءات عن مشاهدتهم لحوريات البحر , من بينهم كان كابتن بريطانيا زعم بأنه رأى واحدة من تلك على رصيف ميناء Sentojonzu و وصفها بأنها كائن ذو رأس امرأة تسبح في قعر البحر مع الأسماك. و إن هناك العديد من التقارير التي تشير إلى حوريات البحر في سجلات البحارة الغربيين , وكان من المعروف أن بعض القباطنة يتجنبون الأماكن المشهور عن أن فيها (نينغيو) حتى لا يتعرضوا للمشاكل .

- كيف وهل يمكن أن تكون حوريات البحر مخلوقات موجودة بالفعل ؟

ترى ماذا كان البحارة الغربيون يرون و ماذا كان الصيادون يتجرعون في شباكهم ؟ من المؤكد أنه يبدو أن هناك سذاجة تشير إلى أن البحارة ذوي الخبرة كانوا يرون حوريات البحر بشكل روتيني بسبب تأثرهم بتلك المشاهد الأسطورية , هل هناك شيئ آخر يحدث ؟

في الواقع , قد يكون الصيادون و البحارة قد رأوا حوريات بحر حقيقية , و الغريب أن هناك المزيد من الأدلة على وجودها في الموسوعات القديمة للحياة البرية اليابانية .

في هذه الموساعات يتم تصوير حوريات البحر على أنها مخلوقات مائية حقيقية , يمكن العثور على أحد أفضل الأمثلة في أعمال Keisuke Ito وهو طبيب محترم جلب الطب الغربي إلى اليابان . كان يعرف هذا الطبيب بأن أنجز رسومات واقعية لجميع أنواع الحياة البرية التي تم تجميعها و فرزها ككتالوجات حيوانية. وقد تم العثور على تلك الرسومات التي تظهر فيها حوريات البحر بشكل واضح مع صور لحيوانات أخرى أكد الطب التشريحي على وجودها .



لسوء الحظ , إذا كانت حوريات البحر اليابانية (أو حوريات باقي الثقافات في العالم) حقيقية أم لا فهذا قد لا نستطيع معرفته على وجه اليقين , لكن ما يمكننا التأمل فيه هو أن الدخان لا يمكن أن يوجد من دون نار , المثل يتطابق مع موضوعنا هنا , فلا يمكن أن تكون كل تلك الرسومات و الصور القديمة و القصص و المشاهدات مجرد إدعاء مزيف .

و لا يسعني في الأخير إلا القول أن علم الغيب عند العالم سبحانه و تعالى .

إرسال تعليق

شارك بالنقاش عبر كتابة تعليقك